دام برس:
من خلال استقراء ما آلت إليه الأمور في هذا المحيط العربي من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب و من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ، يتبين أن هناك حلقة مفقودة في إدراك الجميع سواءٌ كانوا من الغالبية أو من الأقليات فالعروبة لا تعدو عن كونها رابط لغوي و ثقافي و حضاري و تاريخي لكل مكونات الأمة دون فوقيةٍ أو استعلاء ، العلمي ثبت أنك إذا وضعت السكر أو الملح في وعاء ماء فإنا هذه المادة ستذوب في النهاية وتتوزع كل الذرات بشكل متجانس حسب مبدأ الشحنات الالكترونية المتوافقة و المتخالفة وفي الواقع الديمغرافي فإن القضية مرتبطة بالزمن و التمسك الشوفيني أحياناً بالانتماء الاثني سلباً أو إيجاباً ، و يمكن أن يكون ذلك مفهوماً و متقبلاً طالما لم تقم دولة المواطنة والعدالة ، مما يتطلب أحيانا من الأقليات العمل على التواصل مع الأقليات للوصول إلى حماية نفسية و شعور بالقوة الكاذبة و التي تعبر في الحقيقة عن خوف متأصل من الآخرو لا تؤدي إلا إلى التوازن القلق ،
لم تعرف سورية في تاريخها صراعاً قومياً رغمالدعوات الغير متوازنة التي أطلقتها الأحزاب القومية في مراحل سابقة نتيجةً لأيدولوجيات مقتبسة من الغرب أكثر ما تكون بعيدة عن التواؤم الذي عشناه و آباؤنا وأجدادنا منذ قرون ، و لكن لا يمكن إغفال الثقافة التاريخية و الديمغرافية التي تؤكد أننا نعيش كلنا في فضاء عربي و محيط اسلامي ، و هذا يحتم أن تلتقي طموحات الجميع على مبدأ بناء الدولة الديمقراطية القوية و المحورية و التي تضمن لكل أبنائها العزة والكرامة و تكافؤ الفرص دون النظر إلى الانتماء العرقي أو الديني أو الطائفي في هذه الرقعة الجغرافية من كوكبنا ، و أمامنا أمثلة عديدة في القوى العظمى التي لا تجمعها سوى روابط المصالح الاقتصادية و الهيمنة على العالم ، رغم تنوع الثقافات و اللغات والأديان و الاثنيات و رغم ذلك يجتمعون ، و في منطقتنا نملك كل مقومات اللقاء و التوحد ولكن دون جدوى ، و الزمن كفيل بتذويب كل هذه التباينات في واقعنا المعاصر ، و يكفي أن نقول في نهاية المآل أن اللغة العربية كانت و ما زالت هي لغة التواصل بين الجميع ، ورغم ذلك يبقى من يحاول أن يدس السمَ في الدسم .