دام برس :
يقول الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد في لمحة شعرية أخاذة:
لا تطرُق البابَ.. تَدري أنهم رَحَلوا
خُذ المَفاتيحَ وافتحْ، أيُّها الرَّجلُ
كأنَّ صَوتاً يُناديني، وأسمَعُهُ
يا حارِسَ الدَّار، أهلُ الدَّارِ لن يَصِلوا
هذه حال المسنين في بلدنا أيضاً… ملاحظة من أيام العيد تتعلق بكبار السن في سورية… البعض منهم يكاد يكون منسياً في زحمة مشاكل السوريين وخاصة تلك التي تتعلق بالمعيشة وصعوبات الحياة.
لا نملك أرقاماً عن عدد المسنين في سورية، ورغم أن المعايير العالمية باتت تعتبر المسن من تجاوز 75 من العمر، إلا أن المقاييس السورية ما زالت تعتمد من تجاوز الـ65 من المسنين.
من السهل الحصول على أرقام دقيقة عن عدد السوريين الذين تجاوزوا الـ65 من العمر من السجلات المدنية، لكنها لم تنشر ولم يتح لي معرفة هذا العدد والأرقام الموجودة قديمة ولا يمكن الاعتماد عليها، لكن في مجمل الأحوال فإن النسبة المتوقعة ستكون بين 25 بالمئة و30 بالمئة وهي نسبة عالية بكل الأحوال وتشكل عدداً لا يحتمل التجاهل.
الفكرة العامة عن المجتمع السوري أنه ما زال يضع الأسرة في مكانة محترمة ويعوّل كثيراً على التعاضد الاجتماعي ضمن الأسرة، كما أنه اجتماعياً ودينياً يعتبر الأبوين محط تقدير ورعاية إضافة إلى المتعارف عليه من احترام كبار السن لكن الواقع الجديد فرض ظروفاً اجتماعية مختلفة لعل أبرزها وأوضحها ما له علاقة بهجرة الكثير من الأبناء وبقاء الأبوين وحدهما في عدد من الأسر.
لعل تكلفة إقامة المسنين في دور الرعاية وارتفاعها لأرقام كبيرة تعبر عن الإقبال عليها، ورغم أنها ليست في متناول قدرة الكثيرين عليها إلا أن ازدحاماً تشهده هذه الدور، وقسم من المشكلة أنها ما زالت قليلة العدد ومحصورة في المدن الكبرى كدمشق وحلب وهناك محافظات كاملة لا يوجد فيها أي دار رعاية للمسنين.
أضف إلى ذلك أن معظم الأعمال الخيرية في سورية تتوجه للعائلات الفقيرة والأيتام والأرامل لكنها لا تقدم برامج رعاية للمسنين وهذه النقطة التي يمكن أن نجدها في معظم المؤسسات الخيرية والاجتماعية.
الموضوع المادي على أهميته ليس هو الموضوع الوحيد.. فمن النادر أن تجد أحد كبار السن لا يعاني من أمراض جسدية ترهق الحالة الاقتصادية، لكن أيضاً هناك الموضوع النفسي ليس أقل شأناً حيث يعاني كبار السن من عدم الاهتمام والكثير منهم يشعر بأنه أصبح عبئاً على الحياة ذاتها.
الاقتراحات التي يمكن العمل عليها خلال الفترة القادمة تتعلق بأربعة محاور.
الأول إنشاء نواد للكبار مهمتها إقامة نشاطات اجتماعية وعيادات نفسية وخلق أجواء تناسب هذه الفئة العمرية.
المحور الثاني له علاقة بالتأمين الصحي وأن تقوم الحكومة بالتعاون مع شركات التأمين والمشافي الخاصة والعامة ونقابة الأطباء بتقديم منتج تأميني يراعي الأوضاع الاقتصادية لكبار السن وحالتهم الصحية.
المحور الثالث أن تلزم المؤسسات الخيرية بوضع جزء من نشاطاتها في خدمة المسنين وتأمين مستوى أفضل لحياتهم المعيشية.
المحور الرابع أن يتم بناء دور للمسنين في كل المحافظات السورية وزيادة أعدداها بشكل يغطي الحاجات المتزايدة لها.
نحن نتحدث عن بركة هذه البلاد… نتحدث عن كبارنا وعن مستقبل بعض منا ممن يطيل اللـه بعمره.
أقوال:
• يقول أحد كبار السن كنت أنا والصحة نبحث عن المال والآن صرت أنا والمال نبحث عن الصحة.
• التقدم بالعمر إلزامي، أمّا التقدم في المستوى فهو اختياري.
• نصائح الشيخوخة تضيء دون أن تحرق، مثل شمس الشتاء
عبد الفتاح العوض - الوطن