دام برس :
بالطبع لا أحد يستطيع أن ينكر الدور التاريخي لمصر وجيشها في المشهد العربي، فمصر هي الدولة الأكبر في الإقليم وصاحبة الوزن الحضاري والسياسي والعسكري المؤثر في المحيط العربي، لذلك قيل ( لا حرب بدون مصر ولا سلام واستقرار بدونها أيضاَ )، وبالطبع بجوار مصر وجيشها توجد دول وجيوش عربية مهمة وذات ثقل نسبي يعمل لها ألف حساب سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي ومن بين هذه الدول العراق وسورية والجزائر، لذلك فمصر تاريخياَ مستهدفة هي وجيشها من أعداء الأمة العربية، ويأتي في مقدمة قوى العدوان العدو الصهيوني الذي خاضت مصر عدة حروب في مواجهته دفاعاَ عن الأرض العربية الفلسطينية المحتلة، ولا يمكن أن ننسى ما قاله دافيد بن جوريون أول رئيس وزراء لكيان الاحتلال عشية إعلان الكيان " بأن إسرائيل لا يمكن أن تعيش وتحيا آمنة، إلا بالقضاء على ثلاثة جيوش عربية، هي الجيش المصري، والجيش العراقي، والجيش السوري".
وتأكيداَ للدور الوازن والمؤثر لمصر وجيشها في الإقليم عندما قام العدو الأمريكي بالتخطيط لمشروعه العدواني على الأمة العربية مؤخراَ والمعروف إعلامياَ بمشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد، وهو المشروع الذي كان يستهدف إعادة رسم خرائط المنطقة من جديد وفقاَ لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية القوى الاستعمارية الأكبر في العالم والتي لم تكن موجودة في صدارة المشهد الاستعماري في مطلع القرن العشرين حين تم تقسيم وتفتيت منطقتنا العربية بواسطة القوى الاستعمارية في ذلك الحين ( إنجلترا – فرنسا ) وفقاَ لمشروع واتفاقية سايكس – بيكو، والآن تسعى الولايات المتحدة الأمريكية لتقسيم المقسم وتفتيت المفتت وترى في مصر الجائزة الكبري، لذلك عندما انطلقت موجة الربيع العربي المزعوم كانت مصر وجيشها على وعي تام بحقيقة المؤامرة التي يحيكها العدو الأمريكي، والذي استخدم الورقة الطائفية والمذهبية والعرقية عبر الجماعات التكفيرية والإرهابية القابعة والمتغلغلة والمزروعة منذ زمن طويل داخل بنية المجتمع العربي، فقامت مصر وجيشها بإفشال المخطط بالداخل المصري عبر مواجهة شرسة مع جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية التي تمكنت عبر الدعم الأمريكي من الصعود لسدة الحكم ثم كان التحرك الشعبي المدعوم والمحمي من الجيش، حيث تمت الإطاحة بهم من سدة الحكم وخاض الجيش معركة شرسة مع المليشيات الإرهابية المسلحة التابعة للجماعة لسنوات تمكن خلالها من تجفيف منابع الإرهاب على الأرض المصرية.
ولم تسلم مصر وجيشها من المخطط حتى اليوم، وهو ما تدركه جيداَ القيادة المصرية المتمثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يسعى طوال الوقت لنزع فتيل الأزمات العربية وإطفاء النيران المشتعلة في محيطنا العربي والإقليمي، فلم تكتفي مصر بتفكيك المؤامرة وإفشال مشروع التقسيم والتفتت بالداخل المصري، بل تحاول إفشال المشروع في سورية العربية حيث نسقت مع القيادة السورية لمواجهة الجماعات التكفيرية والإرهابية التي جاءت إلى الأرض العربية السورية من كل أصقاع الأرض وخاضت حرب كونية تمكن على أثرها الجيش العربي السوري من تجفيف منابع الإرهاب على الأرض السورية، ورفضت مصر أي تدخل عسكري في سورية، وأكدت على عدم المساس بوحدة الأراضي العربية السورية، وأدانت الإرهاب والاحتلال الأمريكي والتركي للأرض العربية السورية، وتسعى لحل الأزمة سياسياَ وعبر طاولة المفاوضات، وبالطبع يتم ذلك لإدراك مصر أن سورية هي الامتداد الطبيعي للأمن القومي المصري من الجبهة الشرقية البوابة التي جاءت منها كل القوات الغازية لمصر عبر التاريخ.
ولم تنسى مصر وجيشها البوابة الغربية لمصر حيث ليبيا العربية التي شهدت عدوان غربي غاشم منذ مطلع العام ٢٠١١ انتهى باغتيال الأخ القائد معمر القذافي، وتفكيك مؤسسات الدولة الليبية وانتشار المليشيات التكفيرية والإرهابية علي كامل الجغرافيا الليبية وهو ما يشكل تهديداَ مباشراَ للأمن القومي المصري، لذلك قام الرئيس السيسي بتشييد قاعدة محمد نجيب العسكرية في غرب مصر لحماية حدودنا مع ليبيا العربية، ولم تكتفي مصر بذلك بل دعمت كل مشاريع المصالحة الوطنية الليبية، وأدانت العدوان الغربي على ليبيا، وكذلك العدوان التركي، وطالبت بعدم التدخل الأجنبي في الشأن الليبي، وقامت بدعم الجيش الوطني الليبي في مواجهة المليشيات الإرهابية المسلحة، وتسعى بقوة لحل الأزمة الليبية الراهنة.
وكانت مصر حاضرة في باب المندب دفاعاَ عن أمنها القومي، وقامت بمحاولات ووساطات لحل الأزمة اليمنية وإنهاء الصراع الداخلي الذي يهدد أمن واستقرار الشعب العربي اليمني، ولعل الاتفاق السعودي – الإيراني الأخير يساعد في حل الأزمة اليمنية، فقد شاهدنا خلال هذا الأسبوع عملية تبادل أسرى بين طرفي النزاع، وتقوم مصر وجيشها بدعم كل الحلول السياسية لإنهاء الصراع والحرب الدائرة منذ سنوات على الأرض العربية اليمنية.
وبالطبع شاهدنا خلال اليومين الماضيين اشتعال جديد للنيران بالداخل السوداني، وهو ما يهدد الأمن القومي المصري من البوابة الجنوبية، التي شيدت مصر على أبوابها قاعدة برنيس العسكرية، ومن المعلوم أن مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد قد نجح في تقسيم السودان وأصبحت دولتين لكنه لم يكتفي بذلك ويسعى إلى تقسيم جديد، لذلك عندما اندلعت الأحداث هذا الأسبوع تحرك الرئيس السيسي على كافة المستويات وأجرى اتصالات مع جميع الأطراف الفاعلة التي يمكنها التدخل لإنهاء الصراع المسلح، وإعادة الاستقرار للشعب العربي السوداني الذي يعاني معاناة كبيرة على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فاستقرار السودان من استقرار مصر، وأمن واستقرار الوطن العربي من أمن واستقرار مصر لذلك يمكننا القول أن مصر وجيشها رمانة الميزان في المشهد العربي، اللهم بلغت اللهم فاشهد.